وَيَعْلَمُونَ أَنَّ أَصْدَقَ الْكَلَامِ كَلَامُ الله، وَخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَيُؤْثِرُونَ كَلَامَ الله عَلَى غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ أَصْنَافِ النَّاسِ، وَيُقَدِّمُونَ هَدْيَ مُحَمَّدٍ ﷺ عَلَى هَدْيِ كُلِّ أَحَدٍ، وَلِهَذَا سُمُّوا (أَهْلَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ)، وَسُمُّوا (أَهْلَ الجَمَاعَةِ)؛ لِأَنَّ الجَمَاعَةَ هِيَ الِاجْتِمَاعُ، وَضِدُّهَا الْفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الجَمَاعَةِ قَدْ صَارَ اسْمًا لِنَفْسِ الْقَوْمِ المُجْتَمِعِينَ.
وَالْإِجْمَاعُ هُوَ الْأَصْلُ الثَّالِثُ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَهُمْ يَزِنُونَ بِهَذِهِ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَعْمَالٍ بَاطِنَةٍ أَوْ ظَاهِرَةٍ مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالدِّينِ، وَالْإِجْمَاعُ الَّذِي يَنْضَبِطُ: هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ؛ إِذْ بَعْدَهُمْ كَثُرَ الِاخْتِلَافُ، وَانْتَشَرَ فِي الْأُمَّةِ.
الشرح٥ - الاجتماع على الكتاب والسنة، والتعاونُ على البر والتقوى.
٦ - أنهم يَزِنون الناس بالأصول الثلاثة؛ وهي الكتاب والسنة والإجماع الذي كان عليه السلف الصالح.
أما إجماع مَن بعدهم، فلم يصح كثيرٌ منه لسببين هما:
أ- كثرة الاختلاف.
ب- انتشار المسلمين في أقطار الأرض مما يشق معه نقل الإجماع؛ قال الإمام أحمد ﵀: «مَنِ ادَّعى الإجماعَ فقد كذب» (^١).
(^١) العدة في أصول الفقه لأبي يعلى الفراء (٤/ ١٠٥٩).